إرتفعت وتيرة النقاشات في الآونة الأخيرة في كثير من المنتديات بما يخص البديل القادم لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ، والسؤال المتكرر المقزز الذي يصل لمسامعي : ماذا بعد الرئيس هادي ؟ ، وأكثر مايثير إشمئزازي هو أن هذا السؤال يصدر من داخل بيت الشرعية ومن أنصار الشرعية ، للحد الذي وصلوا إليه أنهم سَمُّوا البديل ، فالبعض أشار إلى أن أحمد عوض بن مباركهو البديل ، والبعض الآخر يقول بأن البديل هو النائب علي محسن الأحمر حتى يتحول النقاش إلى حراج .

   البعض من المتحاورين يرون أن هناك صفقات سياسية ستفضي إلى إزاحة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي بسبب عدم تمكنه من إدارة المرحلة بمهنية رئيس دولة بإهماله في قضية توفير كفاءات بطاقمه الرئاسي ما أدى إلى التلاعب بالوظيفة العامة ، والبعض الآخر يرون أن حالته الصحية لا تسعفه في إدارة البلاد للمرحلة القادمة ، لذلك تسعى دول التحالف وبعض الدول العظمى لصياغة مبادرة لحل الأزمة ستطيح بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وتأتي ببديل عنه جدير بإدارة المرحلة .

   ناس فاضية عقولها في ركبها وتهرف بما لا تعرف ، عقول مهترئة لا تفقه بالسياسة وتناقش بسذاجة وسفاهة لا ترقيها لمكانة سامية في الحكومة والدولة اليمنية في ظل إدارة نموذحية ، ولا أدري كيف وصل هؤلاء إلى هذه المكانة وبمناصب عالية ؟ فبدلاً أن يشحذوا الهمم لمساندة فخامة الرئيس القائد عبدربه منصور هادي ودعمه في كل المعتركات التي يخوضها منفرداً ذهبوا ليبحثوا عن البديل لفخامته ، وكأن الرئيس القادم سيأتي لهم بالإنتصار المؤزر بين عشية وضحاها .

   مشكلة اليمن الحقيقية يا سادة ليست بشخص فخامة رئيس الجمهورية أو في إدارته بل فينا نحن ، وأقصد نحن لست أنا والشعب المكلوم بل أولئك المسؤولين والساسة والأحزاب الذين لم يقوموا بواجبهم على أكمل وجه ، ولم يقفوا مع فخامته بوطنية وواقعية ، فالأحزاب لا يهمها إلا إستلام مخصصاتها وتوزيعها فيما بينهم ، والساسة والمسؤولين ذهبوا للبحث عن مصالحهم وكيفية إثراء خزائنهم المتخمة بوقت قياسي من خلال بيع الوظائف العامة او توظيف ذويهم ، فترك كل هؤلاء فخامة رئيس الجمهورية يخوض كل المعارك منفرداً إلا من قلة من رموز وطنية .

   الأزمة الحقيقية وأساس عدم حسم الأمور هي تلك الحرب الباردة التي يخوضها فخامة الرئيس القائد عبدربه منصور هادي مع بعض من دول التحالف وأقصد هنا بالتحديد الدويلة المارقة التي سعت منذُ اول وهلة أن تكسب الحق والباطل بتدخلها في اليمن ، وصنعت لها أدوات من خونة ومرتزقة إرتهنوا لها لتنفيذ مخططاتها في اليمن ، على مستوى الجنوب كان المجلس الإنتقالي ، وعلى مستوى الشمال العفاشيين أحمد علي وطارق عفاش ، بالإضافة إلى بعض المسؤولين المندسين في الحكومة الذين يعملون لمصلحتها خلسة .

   لنفترض جدلاً بأن هناك مبادرة أو صفقة سياسية من شروطها إيجاد رئيس بديل .. فهل سيجد هذا البديل شرعية بحجم شرعية فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ؟ وهل سيكون بحنكة فخامته العسكرية والسياسية ؟ وهل سيكون بشجاعة وبقوة شخصية هذا الرئيس المقدام ؟ وهل سيضحي لأجل اليمن وشعب اليمن بحجم تضحيات فخامته ؟ وما الذي سيقدم هذا البديل أكثر مما قدمه داهية العرب وفارس اليمن فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ؟ ، فلا داعي للمزايدة أيها البُلَهاء على فخامته .

   أتمنى من هؤلاء الذين يبحثون عن رئيس بديل أن يوفروا جهدهم بتفكيرهم ونقاشهم ويبدأوا بشحذ الهمم لمساندة ولي أمرهم ويقفوا معه صفاً واحداً لنتغلب على العدو الحقيقي .. العدو الحقيقي الذي كلما كنا قاب قوسين أو أدنى من الإنتصار والقضاء على مليشيا الإنقلاب تتراجع تحت أي ذريعة ، ويا حبذا أن لا تفكروا بحالة فخامته الصحية فالموت والحياة بيد الله تعالى فكما قال الإمام الشافعي في قصيدته : 
فكم من صحيح مات من غير علة ** وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر ..

وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً ** وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري .

   وأخيراً أود أن أخاطب فخامة الرئيس الوالد عبدربه منصور هادي وأقول له : سيدي الرئيس نحن البسطاء نعلم ما عانيته خلال الفترة الماضية منذُ أن قبلت أن تلقي على عاتقك الورثة الثقيلة التي ورثتها من سلفك الديكتاتور وزعيم العصابة علي عبدالله عفاش ، ونعلم بكل المعارك التي خضتها منفرداً حتى اللحظة بعد أن تخلى عنك الجميع ، ونعلم بالحرب الباردة التي بينك وبين الدويلة المارقة ، ونعلم بأن تنازلك على السيادة اليمنية سينهي الحرب الباردة ومعها ستنتهي الأزمة اليمنية برمتها ، وثق تماماً سيدي الرئيس بأن ثقتنا فيك كبيرة بعدم تنازلك عن ذرة واحدة من تراب وطننا الغالي ، وثق سيدي الرئيس بأن الشعب اليمني يدعمك ويساندك في كل معترك فيا حبذا أن تستمد قوتك من هذا الشعب العظيم فبإشارة واحدة من أصبعك ستجده وقد زلزل الأرض من تحت أقدام كل أعداءك وأعداء الوطن .. سيدي الرئيس لا تتردد ولا تأول فالشعب اليمني يترقب إشارتك بشغف وبفارغ الصبر .

علي هيثم الميسري